القصة المغربية عبرالأجيال
انعقدت ندوة أدبية تحت عنوان “القصة القصيرة بصوت الأجيال” حول موضوع تطور القصة القصيرة عبر الأجيال المختلفة، ضمن فعاليات النسخة الثلاثين للمعرض الدولي للنشر والكتاب، وذلك بحضور نخبة من الكتاب والقصاصين المغاربة.
وافتتحت الندوة بمداخلة للقاص المغربي المصطفى الكليتي الذي تحدث فيها عن تاريخ القصة القصيرة قائلا “إن الآراء تباينت حول ظهور القصة القصيرة في العالم العربي، فهناك من يرجعها إلى قصة “في القطار” لمحمد تيمور التي نشرت سنة 1917، وهناك من يقول أن قصة “سنتها الجديدة” لميخائيل نعيمة التي نشرت عام 1914 هي أول قصة.
وعن ظهور القصة القصيرة المغربية، قال الكليتي “إن القصة القصيرة نشأت في المغرب في ثلاثينيات القرن الماضي، وجاء ظهورها متأخرا مقارنة بالمشرق، ويعود ذلك لتأخر استخدام الطباعة وبداية انتشار الصحافة باعتبار أن القصة القصيرة نشأت في حضن الصحافة”.
وأضاف المتحدث” أن الاستعمار الفرنسي والإسباني عمل على طمر الهوية المغربية لكن المقاومة حرصت على أن يكون الأدب ومن بينه القصة القصيرة مظهرا من مظاهر المقاومة، وقد ارتبطت في ذلك الوقت بالواقع حيث عكست حضور الاحتلال الأجنبي في البلاد، ومن الأعمال القصصية ذائعة الصيت، نذكر مثلا “وادي الدماء” لعبد المجيد بن جلون و”انتصار الحق” لعبد الخالق الطريس.
من جهته قال القاص المغربي أحمد شرقي “إن القصة القصيرة هي ذلك الفن السردي القصير اللماح الذي يعتمد على التكثيف والقدرة على النفاذ إلى الذات الإنسانية والتعبير عنها، وأنا أعتبر نفسي من الجيل المخضرم لأننا جايلنا كتّابا وروادا كتبوا في وقت كانت فيه للورق قيمة كبيرة، وكانوا عندما ينشرون قصصهم في الجرائد الورقية، يكون ذلك اليوم هو يوم عرس بالنسبة لهم، ثم جايلنا جيل الثورة الرقمية التي طغى فيها المرئي والمسموع على ماهو مقروء.”
وفي جوابه على سؤال حول الكتاب المغاربة الذين تأثر بهم، قال شرقي “إن كل كاتب لابد أن يطلع على بعض الأعمال الأدبية والنقدية المرتبطة بالقصة القصيرة، ولحسن الحظ أن بداياتي في القراءة كانت مع كتاب مغاربة ومعهم اكتفشت أن هناك فنا يسمى القصة القصيرة، من أسماء هؤلاء الكتاب هناك أحمد بوزفور وإدريس الخوري، كما اطلعت على قصص الأدب الفرنسي والروسي والإيطالي”.
وأضاف الكاتب أنه “رغم تعدد القراءات، أجد بأن القصة البوزفورية هي قصة بلغت أعلى درجات النضج لأنها تتمتع بأسلوب يميل إلى التأمل وإلى الفلسفة دون تجريد القصة القصيرة من متعتها”.
بدورها تساءلت القاصة المغربية لطيفة باقا عن إمكانية الحديث عن الأجيال في كتابة القصة قائلة “إننا لانستطيع أن نتبنى تحقيبا معينا في كتابة القصة، بمعنى أننا لا يمكن أن نصنف إلى أي جيل ينتمي الكتاب انطلاقا من نصوصهم”.
وتتذكر الكاتبة لقاء جمعها بالقاص أحمد بوزفور، حيث سألها عن وجود بعد إيديولوجي داخل النص القصصي وهل نكتب لأجل التغيير؟ ليكون جوابها: “أنني لا أبحث عن التغيير، فالكتابة الأدبية قد تساهم بشكل غير مباشر في التغيير لكننا لانستطيع أن نحملها هذه المسؤولية التي يمكن أن تتحملها جهات أخرى”.
وعن رأيها حول الكتابة الأدبية، تقول باقا إن الكتابة الأدبية “لها حس جمالي وإبداعي فعندما أكتب الشعر أنتشي باللغة وأنتشي بالصور وبالتفاعل الحاصل بيني وبين الطبيعة مايعني أن المسألة أكبر من الإيديولوجيا”.
أما القاص المغربي محمد الشايب فقد تحدث عن القصة القصيرة بوصفها “أصوات عديدة وأجيال متعاقبة وهي تعيش الآن وتيرة متسارعة من حيث الإصدارات ومن حيث ظهور قصاصين جدد، ويعود ظهورها إلى وقت كان يرزح فيه المغرب تحت وطأة الإستعمار لذلك تناولت تيمة الوطن، وبعد الاستقلال بدأت تتناول مواضيع اجتماعية وأصبحت لذوات الكتاب حضور قوي، وهي الآن في الألفية الثالثة وما زالت تجود بالأسماء الجديدة”.
واختتمت الندوة بقراءة مقتطفات من الأعمال الأدبية للقصاصين الثلاثة والتي شدت انتباه الجمهور وحفزتهم على قراءة المزيد منها مما خلق نوعا من التفاعل بين القصة القصيرة وقرائها.