مذكرات مغربية
للرحالة الإسباني “خوسيه ماريا دي مورغا
ترجمة محمد المساري
صدرت عن مركز جسور للدراسات التاريخية والاجتماعية الترجمة العربية لكتاب “مذكرات مغربية” للرحالة الإسباني “خوسيه ماريا دي مورغا” المشهور في إسبانيا بلقب “المورو بيسكاينو”، وفي المغرب باسم “الحاج محمد البغدادي”. الترجمة من إنجاز الباحث والمترجم محمد المساري. يتجاوز هذا العمل كونه مجرد روايةٍ استشراقيةٍ لرحلاتٍ تقليدية، ليُقدِّم تصويرًا حيويًّا ومعمقًا، ممزوجا بالكثير من الفكاهة واللُّمع الطريفة، للواقع المغربي في القرن التاسع عشر؛ فمن خلال تبنّيه هويةً مُزيَّفة، اخترق دي مورغا طبقات المجتمع المغربي، وقدّم رؤيةً أنثروبولوجيةً استثنائيةً تتداخل فيها التأملات الفلسفية ذات الأبعاد الوجودية، بالتاريخ والذهنيات. يعد المورو بيسكاينو ( خوسي ماريا دي مورغا) من بين أبرز الرحالة الإسبان إلى المغرب خلال القرن التاسع عشر، حيث يسطع اسمه بجانب الرحالة الإسبان الكبار، وقيمته التاريخية والاثنوغرافية تتجاوز مساهمات كل من دومينغو باديا (علي باي) والجاسوس خواكين غاتيل (القايد إسماعيل). وصل دي مورغا إلى المغرب عام 1863، وقدم نفسه “مرتدا” عن المسيحية ومتحولا جديدا إلى الإسلام، متخذًا اسمًا إسلاميًا مثلما فعل دومينكو باديا، حيث سمى نفسه “الحاج محمد البغدادي”. وبصحبة خادم ودليل وحمار، جال في أرجاء المغرب، وعمل كمعالج، وقلّاع أسنان، وقابلة توليد النساء اليهوديات، وطارد أرواح شريرة، وبائع متجول، ووليّ. نجح دي مورغا إلى حد كبير في فهم روح الشعب المغربي، وترك لنا هذا الكتاب الفريد، اللاذع والساخر والمليء بالملاحظات حول العادات والتقاليد، وكذا التاريخ والجغرافيا والدين والخرافات والسياسة، وغيرها. إنه نص عميق وممتع، يقربنا، نحن المغاربة، من حقبة هامة من تاريخنا نحن أحوج ما نكون للاطلاع على تفاصيلها؛ لأن في ثناياها قد نعثر على أجوبة لبعض الأسئلة التي تؤرق حاضرنا. ندعو القارئ الكريم لاستكشاف عالَم دي مورغا الذي يجمع بين سحر الاكتشاف وعمق التحليل، في مُقاربةٍ تُعيد قراءة التبادلات الثقافية بين الضفَّتين المتوسطيتين. ونرجو أن يجد في صفحات هذا الكتاب تلك المتعة التي شعرنا بها عندما قرأناه. محمد بكور |
